يعتبر النرجسيون من أكثر الشخصيات جذبًا والطموح للحكم، لكن كيف يحدث ذلك؟ تلفت الأستاذة ماري آن، أستاذة علم النفس الإكلينيكي، إلى أن "النرجسيين يظهرون خلافاتهم الشخصية في علاقاتهم، مما يجعلهم يبدون مع ذلك كخيار مفضل كثيرًا في المناصب القيادية".

تبحث الدراسة التي أعدها مجموعة من الباحثين في عواقب وصول النرجسيين إلى مواقع السلطة. تضمنت الدراسة أكثر من 150 بحثًا ودليلًا عما يمكن أن يتسبب فيه النرجسيون. وقد وجدت أن هناك تأثيرات سلبية على طاقم العمل والثقافة المؤسسية عندما يكون النرجسيون هم القادة. هذه الشخصيات تميل إلى تطبيق سياسات قائمة على السيطرة والتحكم، مما يؤثر سلبًا على روح العمل الجماعي.

واحدة من القضايا الأكثر وضوحًا فيما يتعلق بالنرجسيين في المناصب القيادية هي الميل لوضع أنفسهم في المركز. يُظهرون أهمية مفرطة لذاتهم، الأمر الذي يصبح مدمرًا عندما يتم تقديمهم كقادة فاعلين. وفي حالات عديدة، قد ينجح النرجسيون في استقطاب المؤيدين بسبب شخصياتهم الساحرة، لكن على المدى البعيد، يمكن أن يحدث تراجع كبير في أداء المؤسسات التي يقودونها.

وتشير الدراسات إلى أن القادة النرجسيين غالبًا ما يتجهون نحو اتخاذ القرارات التي تُعَد ضارة على المدى الطويل، وهي تعتمد على اعتقاد خاطئ بأن نجاحهم الشخصي يعكس نجاح المنظمة. وبالطبع، تساعد مثل هذه الشخصيات على تعزيز الفساد والتحايل في الهيكل الإداري مما يؤدي إلى انطباع قاصر عن فعالية قيادتهم.

تظهر الأرقام من الأبحاث أن النرجسيين أكثر ميلاً للتعرض لنقد العوامل النفسية والتعرض للإحباط نتيجة لعدم قدرتهم على التواصل بفاعلية مع موظفيهم. في كثير من الأحيان، يواجه الموظفون تحديات كبيرة في التواصل مع قياداتهم، مما يؤدي إلى بيئة عمل مشحونة وصراعات خفية قد تؤدي في النهاية إلى انهيار المنظمات.

ومع ذلك، النرجسيون، الذين يعتقدون أنهم متفوقون، قد يعوّلون على قوتهم الشخصية لتجاوز كافة التحديات. ولكنهم قد ينتهي بهم الحال في وضع صعب عندما تتعارض مصالحهم الشخصية مع التوقعات الجماعية، مما ينتج حب المجتمع لهم في الوقت الحاضر بينما يتجهون نحو عزلتهم عندما يطرأ أي شكل من أشكال النقد.

الجدير بالتذكير أن النرجسيين يمكن أن يكونوا جذابين للغاية في البداية، مما يجعل الأفراد يتبعونهم. ويشير بعض الخبراء إلى ضرورة زيادة الوعي حول كيفية التعرف على الشخصيات النرجسية وكيف يؤثرون في أماكن العمل. كلما زاد الفهم لهذه الظواهر، زادت قدرة المجتمع على التكيف مع التحديات التي تسببها شخصية النرجسي.

في النهاية، يمكن القول إن الفهم العميق للشخصية النرجسية يجب أن يُعتبر جزءًا أساسيًا من الاستراتيجيات القيادية الفعالة في أي بيئة عمل، لضمان عدم تحول القادة النرجسيين إلى عناصر مدمرة داخل النظام لأن هذا قد ينجم عنه عواقب وخيمة على المدى الطويل.