العالم

كوريا الجنوبية تشهد «سباقاً محموماً» لاختيار رئيس جديد

2025-04-07

مُؤَلِّف: حسن

بعد أربعة أشهر من عدم اليقين السياسي، أصبحت كوريا الجنوبية في الوقت الراهن أكثر وضوحًا بشأن مستقبلها، عقب عزل الرئيس، يون سوك يول، بسبب إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة.

وتزداد المخاطر الآن بشكل خاص على خلفية الوضع المتوتر مع الشمال، حيث تتجه البلاد لمواجهة ضغوطًا اقتصادية بسبب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. ولا يزال التوتر يتصاعد مع كوريا الشمالية، وتشهد البلاد انقسامًا حزبيًا حادًا بين عامة الشعب.

وشهدت البلاد تعاقب رؤساء بالإنابة منذ أن فرض يول، بشكل مفاجئ، حالة الطوارئ في الثالث عشر من ديسمبر الماضي، ومحاكمة عزله بعد ذلك بوقت قصير. وخلال كل ذلك الوقت لم يتحدث أي مسؤول مباشرة مع ترامب.

الآن، وبعد عزل الرئيس، تشهد البلاد «سباقًا محمومًا» لاختيار رئيس جديد، حيث ستجري الانتخابات مبكرة قبل الثالث من يونيو المقبل، ويُعد زعيم المعارضة، لي جاي ميونغ، من الحزب الديمقراطي، ذو الميل اليسارية، المرشح الأوفر حظًا للفوز، وله شعبية، وإن كان مثيرًا للانقسام، وقد نجا من اعتداء بالسكين العام الماضي.

على الجانب الآخر، لا يزال المحافظون الحاكمون منقسمين بشدة بشأن تصرفات ميونغ، ولم يتفقوا بعد على مرشح.

وقال ميونغ: «من الآن فصاعدًا، تبدأ جمهورية كوريا الحقيقية، ومع الشعب، سنستعيد سبل العيش المنهار والسلام والاقتصاد والديمقراطية بروح الوحدة».

ومما يزيد من تعقيد الوضع، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة «غالوب» في كوريا، فقد بلغ دعم ميونغ، الذي حصل على نحو 34% من الناخبين، يتفوق على دعم أكبر أربعة محافظين مجتمعين، إلا أن ما يقرب من خمسة من الكوريين الجنوبيين لم يعربوا عن تفضيلهم لأي مرشح أو أنهم كانوا غير متأكدين، مما يشير إلى أن السباق قد يكون غير متوقع.

ويعد كيم ميونغ، العضو الوحيد في حكومة يول، الذي رفض الاعتذار أو التعبير عن الندم بشأن قرار فرض الأحكام العرفية، هو المرشح المحافظ الأبرز حاليًا، وفي حال عدم بروز مرشح معتدل، ستنتهي الأمور بعدد الناخبين الكوريين الجنوبيين إلى اختيار «الأهون شرًا»، وفقًا لما قاله الأستاذ في جامعة «جانغنا».

وبالنسبة للعلاقات الخارجية، فقد تعاملت كوريا الجنوبية مع العالم بشكل مختلف، سواء كان الحكم محافظًا أم ليبراليًا. وجدير بالذكر أن الرئيس المعزول، يون سوك يول، الذي تولى منصبه عام 2022، أعاد العلاقات مع اليابان، واقترب من الولايات المتحدة، وتحدى كوريا الشمالية.

أما سلفه، مون جاي إن، ذو الميل اليساري، فقد جعل التواصل مع بيونغ يانغ أولوية، حين أدت الخلافات حول الصين والقضايا التاريخية إلى توتر في العلاقات مع واشنطن وطوكيو.

ويُكلف الزعيم القادم بتحسين العلاقات مع ترامب، الذي استهدف الفائض التجاري الكبير لكوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة،وفرض عليها رسوماً جمركية متبادلة بنسب تتجاوز 25%.

إلا أن لدى كوريا الجنوبية بعض الأوراق التي يمكنها استخدامها إذا كانت تريد أن تنعم بتعاون مثمر مع الولايات المتحدة، إذ أعرب ترامب عن اهتمامه بالاستفادة من براعة كوريا الجنوبية في بناء السفن للمساعدة في إحياء أحواض بناء السفن الأمريكية.

ووزير حكم ألاسكا سيويل، أخيرًا، يسعى للحصول على استثمارات أو عمليات شراء في مشروع مُخطط للغاز الطبيعي المسال بقيمة 44 مليار دولار، الذي أيده ترامب علنًا.

وفي الأسبوع الماضي، تعهدت شركة «هيونداي موتور» باستثمار 21 مليار دولار لتوسيع إنتاجها في الولايات المتحدة من السيارات والشاحنات، وهي خطوة قال ترامب إنها تُظهر «فعالية الرسوم الجمركية».

وفي الداخل، قد يسعى الرئيس الكوري الجديد إلى رأب الانقسامات التي أحدثها إعلان الأحكام العرفية، فقد كان استخدام سلطات الطوارئ شائعًا حتى ثمانينيات القرن الماضي، عندما أطيح بالاحتجاجات الجماهيرية التي شابهت العنف أحيانًا بحكم عسكري استمر عقودًا، وأعيدت الديمقراطية إلى البلاد.

وخسر زعيم حزب المعارضة الذي قاد حملة عزل الرئيس، انتخابات عام 2022 أمام يول بفارق ضئيل للغاية، وعلى الرغم من كونه المرشح الأوفر حظًا، فإن مشكلات لي جاي ميونغ القانونية تمثل عقبة أمام كسب تأييد الناخبين، حيث يواجه محاكمات جارية بتهم تشمل شهادة الزور، والإخلال بالواجب، والتورط في تحويلات مالية غير مشروعة إلى كوريا الشمالية، لكن ميونغ نفى ارتكاب أي مخالفات.

وقال الأستاذ في جامعة كوريا في سيول، والمتخصص في القانون الدستوري، كيم سيون تاي، إنه من المرجح تعليق محاكمات ميونغ، في حال فوزه بالانتخابات المبكرة، وأضاف: «الشعب هو من يحكم في مثل هذه القضايا الصعبة، ومن خلال الانتخابات، يصبح الجمهور هو القاضي».