العالم

هل الحرب الشاملة "مُسألة وقت" بالنسبة لإسرائيل؟

2025-04-06

مُؤَلِّف: عبدالله

القدس المحتلة - تسعى الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى توسيع دائرة الحرب التي وصفت بأنها "متعددة الجبهات"، حيث يتحدث نتنياهو مرارًا عن تغيير وجه الشرق الأوسط، في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فتح "أبواب الجحيم" بالمنطقة.

أجمعت قراءات وسائل الإعلام والمحللين الإسرائيليين على أن الأخيرة تحضر لاستهداف إيران، ضمن ما يعرف بسيناريو "الحرب الشاملة" بدعم من الولايات المتحدة التي سلمت إسرائيل مزيدًا من السلاح ومنظومات الدفاع الجوي مؤخرًا.

كما تذكر النقاشات الإسرائيلية بتخطيط بدأ قبل 14 عامًا لضرب إيران، في حين تستمر بمهاجمة أهداف بسوريا والسيطرة على مزيد من الأراضي بالتزامن مع حرب غزة والتصعيد بالضفة الغربية ولبنان، مما يدفع كثيرين للشك بأن نتنياهو يخطط لحرب شاملة لا تهدأ خلال وقت قصير.

الحياة أو الموت

تحت عنوان "بين سوريا وإيران وغزة"، كتب المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشع، مقالا، استعرض خلاله مناقشات الأجهزة الأمنية والمستوى السياسي بتل أبيب وتحضيرات الجيش الإسرائيلي لحرب شاملة بالتنسيق مع ترامب الذي لطالما لوح بفتح "أبواب الجحيم" على الشرق الأوسط.

وفي مؤشر يعكس تحضير إسرائيل لتلك الحرب، قال يهوشع إن "المناقشات التي تجري بتل أبيب تذكرنا بالتحضيرات للهجوم على إيران التي خطط لها قبل حوالي 14 عامًا، بينما في سوريا، يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحصول على سيطرة عسكرية قد تهدد إسرائيل الساعية لمنع أنقرة من التموضع العسكري ودعم الرئيس السوري أحمد الشرع".

وفي غزة، يضيف يهوشع أن الجيش الإسرائيلي وسع نطاق عملياته البرية واحتل المزيد من المناطق في القطاع، وقطع أوصاله، ويستعد لتحقيق رؤية رئيس الأركان إيال زامير، بشأن "غزو متعدد الفرق"، وسط استمرار العلميات العسكرية بالضفة، و"بهذه المرحلة تحديدا، أصبح كل قرار مسألة حياة أو موت لإسرائيل".

وأوضح المحلل العسكري أن الجيش الإسرائيلي وسع دائرة الحرب على 3 جبهات رئيسية، هي غزة وسوريا ولبنان، وقال "هناك جبهات أخرى، والإيرانية هي الأكثر إلحاحًا"، كاشفًا عن تقارير عدة بشأن "إمكانية شن هجوم إسرائيلي أو أمريكي أو مشترك".

ومثل هذه الأيام "الدرايمة"، ومع وقف الأمن القومي الإسرائيلي على المحك، يتعين على نتنياهو -حسب يهوشع- أن يكون منتبهًا، حيث تشكل خبرته وثقله في أمريكا عنصرًا أساسيًا لضمان أمن إسرائيل، وأنه "بمساحة مشتعلة مثل الشرق الأوسط، لا يمكن لتل أبيب أن تقف مكتوفة الأيدي".

"أبواب الجحيم"

من جهته، يعتقد محلل الشؤون العسكرية والأمنية للموقع الإلكتروني "واي نت"، رون بن يشاي، أن ضغط إسرائيل العسكري على مختلف جبهات القتال يندرج بسياق "أبواب الجحيم" الذي لوحه به ترامب.

ويرى بن يشاي أن استئناف القتال والتوغل البري بغزة، والذي يأتي ضمن الهدف المعلن لحكومة نتنياهو بكسر الجمود بالمفاوضات، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين، وإسقاط حكومة حماس المدنية، ووقف استعادة كتائب القسام قدراتها العسكرية، يأتي بصورة خفية ضمن حملة واشنطن ضد المحور الإيراني والحوثي بالشرق الأوسط.

وقدّر بن يشاي أن المحور الأمريكي الإسرائيلي يهدف من خلال ما وصفه ترامب بفتح "أبواب الجحيم" على الشرق الأوسط، لإطلاق المحتجزين، وطرد حماس من غزة، وفرض ثمن باهظ على الحوثيين، وإلحاق ضرر كبير بقدراتهم العسكرية لتعطيل الملاحة بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.

ورجح بن يشاي أن البيت الأبيض يطمح عبر الترويج لـ"أبواب الجحيم" لجلب إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل لاتفاق نووي جديد يمكن لترامب وإسرائيل الموافقة عليه، والذي من شأنه إحباط نواياها وقدرتها على الوصول بسرعة للأسلحة النووية.

سياسة الهجوم

وفي قراءة للدلالات استئناف الاحتلال القتال في غزة ومواصلة الهجمات على لبنان وسوريا، استعرض الصحفي الإسرائيلي هيرئيل، في مقاله "الجيش الإسرائيلي انتقل من الاحتواء إلى الهجوم - هل استيقظ نتنياهو؟"، بالصحيفة "هآرتس"، التحول الاستراتيجي في تعامل الجيش بالقتال مع الجبهات المتعددة، خاصة تلك التي تطوق إسرائيل.

يقول هيرئيل، وهو من مؤسسي مجلس المستوطنات بالضفة الغربية، "هذه الأيام يستعرض الجيش الإسرائيلي عضلاته ويوسع ضغطه العسكري على غزة لإجبار حماس على إطلاق المحتجزين، ويكثف غاراته على سوريا لمنعها من تجميع قدراتها العسكرية. وفي لبنان، يمنع سلاح الجو حزب الله من نقل الأسلحة، بل يستعد الجيش لمنع إيران من إنتاج الأسلحة النووية".

ويضيف "انتقل الجيش من سياسة الاحتواء للهجوم، لمنع أي كوارث مستقبلية، كما حصل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".

ويعتقد هيرئيل أنه كان من الممكن تجنب ما وصفه "الشر" الذي حدث بإسرائيل خلال العام والنصف الماضيين، لو أن الجيش منع حزب الله آنذاك، قبل نحو 19 عامًا، من القيام بما يمنعه اليوم، وينطبق الأمر على غزة، لو لم تسمح إسرائيل بتدفق الأموال والأسلحة إليها.

وبرغم من هذا التحول في استراتيجية الجيش الإسرائيلي، فإن الكاتبة تساءل عما إذا كانت الأحداث العسكرية الأخيرة بسوريا ولبنان وغزة تشير إلى أن نتنياهو غيّر رأيه؟ وقال "من المبكر جدا تحديد ذلك، الزمن كفيل بإثباته".

مُسألة وقت

وفي إشارة للتحول إلى الهجوم في الجيش والمناظرات حول سيناريو حرب شاملة، افترض المحلل العسكري لصحيفة "معاريف"، آفي أشكنازي عبر مقاله "عنق الزجاجة.. يجب على إسرائيل اتخاذ إجراء واحد قبل مهاجمة إيران"، أن تل أبيب لا تستطيع مهاجمة طهران حتى إطلاق سراح جميع المحتجزين، مبينًا أن عمليات الاحتلال الحالية بغزة "ليست سوى البداية".

ويقول أشكنازي إن مهاجمة إيران أصبحت "مُسألة وقت"، كما أن الوقت المتاح لذلك "محدود"، باعتبارها "القضية الوجودية التي تهدد إسرائيل"، خاصة أنه "لم يتضح بعد ما إذا كان الأمريكيون سيقومون بهذه المهمة، وهو ما تدفع إليه إسرائيل".

لكن إذا لم تفعل واشنطن شيئًا، وتركت الساحة للجيش الإسرائيلي، يضيف أشكنازي، فإن إسرائيل ستحتاج للدعم الأمريكي، ليس فقط بالسلاح والموارد، بل أيضًا بالتوضيح الصريح من البيت الأبيض بأنه يدعمها بحاملات الطائرات وأسراب المقاتلات بالقواعد العسكرية في الشرق الأوسط. "فأي هجوم على إيران قد يشعل حربًا تستمر لأسابيع أو أشهر".