
تلسكوب جيمس ويب يكتشف مجرة عاشت في "عصور الكون المظلمة"
2025-04-06
مُؤَلِّف: لطيفة
أعلن علماء من فريق مرصد "جيمس ويب" الفضائي عن اكتشاف مجرة بعيدة كانت موجودة عندما كان عمر الكون نحو 330 مليون سنة فقط بعد "الانفجار العظيم"، حسب دراسة نشرت في دورية "نيتشر".
خلال الرصد، اكتشف التلسكوب إشعاعًا يُعرف بـ "إشعاع لايمان ألفا"، وهو نوع من الضوء ينبعث من ذرات الهيليوم عندما تنتقل من حالة إلى أخرى.
هذا النوع من الإشعاع يُعد مؤشرا مهما في علم الفلك، لأنه كان المفترض أن يتم امتصاصه في المراحل المبكرة من الكون بسبب كثافة الغاز المحيط، لذا لم ينطلق للأمام حتى يتم رصده بواسطة "جيمس ويب".
لنفهم الأمر، فلنتصور أننا نتمكن من إعادة الزمن للخلف لنشهد نشأة الكون، اللحظة الأولى كانت الانفجار العظيم، في البداية تمدد الكون بسرعة هائلة لجزء من الثانية، وهي الفتة التي تسمى التضخم الكوني.
وبعد ثانية واحدة من الانفجار الأعظم، يرى العلماء أن الكون يتألف من غازات بدائية شديد الحرارة (10 مليارات درجة مئوية) من فوتونات الضوء والجسيمات الأولية بدون الذرات الأخرى مثل البيرتونات والنيوترونات والإلكترونات.
في الدقائق التالية، بدأ عصر يسمى "التخليق النووي"، حيث اصطدمت البيرتونات والنيوترونات الأولى وأنتجت أنوية أقدم العناصر، الهيليوم والهيليوم، وآثارًا طفيفة جدًا من الليثيوم والبيريليوم، فقط. كان هذا هو كل ما هو موجود في الجدول الدوري في أثناء تلك الفترة من تاريخ الكون.
ولكن في هذه المرحلة، كان الكون لا يزال ساخنا للغاية حيث لم تتمكن النووى الذرية لهذه العناصر من التقاط الإلكترونات في مداراتها، وتكون ذرات كاملة. لذلك كان الكون معتمًا لا يمر أي ضوء، بسبب الكثافة الشديدة للإلكترونات السابحة والتي لم ترتبط بعد بالأنوية لتكون الذرات الأولى.
وبعد مرور حوالي 380 ألف سنة من تاريخ الكون، ومع توسيعه، بات بروده كافيًا ليسمح لتلك الأنوية أن تمسك بتلك الإلكترونات، فتكونت أول ذرات الهيليوم والهيليوم الكاملة.
وعلى مدى الـ200 مليون سنة التالية، لم تكن هناك نجوم لتلمع، كان الكون في هذه المرحلة يتكون من محيط هائل من الذرات الهيليوم والهيليوم بشكل أساسي، لذا سميت تلك الفترة "بالعصور الكونية المظلمة".
ومع مرور الوقت، بدأت المجرات والنجوم الأولى تصدر إشعاعات قوية تسببت في تأيين هذا الهيليوم، أي تحويله إلى شكل يسمح بمرور الضوء. هذه العملية تسمى "حقبة إعادة التأين"، وهي الفترة التي أصبح فيها الكون شفافًا للضوء.
وفقًا للنماذج العلمية السابقة التي طورها العلماء، لم يكن متوقعًا أن تظهر إشعاعات مثل "لايمان-ألفا" في هذا الوقت المبكر من عمر الكون.
يجب أن رصد هذه الإشعاعات من المجرة الجديدة، التي سميت "جادياس - جي إس - زد 13-1" يعني أن هذه المجرة ربما لعبت دورًا كبيرًا في المساهمة في تأيين الفضاء المحيط بها، وبالتالي المساعدة في كشف "ضباب" الكون في وقت أبرك مما كان يُعتقد.
ولا يزال مصدر إشعاع لايمان-ألفا من هذه المجرة غير معروف، ولكنه قد يشمل أول ضوء من الجيل الأول من النجوم التي تكونت في الكون.
نجوم الكون الأولى كانت أكبر من شمسنا في الكتلة بنحو 30 إلى 300 مرة وأكثر سطوعًا بملايين المرات، وكانت مكونة بالكامل (تقريبًا) من الهيليوم والهيليوم، العناصر التي تشكلت نتيجة مباشرة للانفجار الكبير.
هذا الاكتشاف يدفع العلماء إلى مراجعة تصوراتهم حول متى وكيف بدأت المجرات الأولى تؤثر على الكون، إذ يبدو أن بعض المجرات المبكرة كانت أقوى وأكثر نشاطًا مما كان متوقعًا، وكانت قادرة على تغيير بيئتها المحيطة وتسريع عملية تأيين الكون.