التكنولوجيا

إسرائيل تُظهر للعالم أبشع وجوه الذكاء الاصطناعي

2025-03-20

مُؤَلِّف: فاطمة

الذكاء الاصطناعي بات يعتبر خطوة جديدة للإنسانية نحو مستقبل أفضل، حيث يُفترض به أن يُحدث ثورة في مجالات هامة كالطب والتعليم والصناعات والمحتوى والتفاعل البشري مع المعلومات. لكن هذه الأدوات تحولت شيئًا فشيئًا لتصبح سلاحًا رقميًا في أيدي الجيوش حول العالم. في خضم النقاش الحالي بين الحكومات والشركات التقنية حول أخلاقيات وسياسات استخدام الذكاء الاصطناعي، تطرح إسرائيل نموذجًا عمليًا لكيفية عسكرة تلك التقنية الحديثة، وتحويلها إلى أداة تساعدها على تضخيم نطاق القتل والمراقبة والتجسس داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تحديدًا.

وبعد ما شاهده العالم من أحداث مؤلمة في حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، حيث استُخدمت أنظمة الذكاء الاصطناعي لقصف وقتل الأبرياء، تبين أن إسرائيل لم تكتفِ باستغلال تلك الأنظمة في القتل المباشر، إذ كشف تحقيق صحفي جديد أجرته مجلة "+972" الإسرائيلية بالتعاون مع منصة "لوكالة كل" العبرية وصحيفة الغارديان البريطانية أن جيش الاحتلال يعكف على تطوير نموذج ذكاء اصطناعي تأسيسي جديد يشبه النموذج الذي يعتمد عليه روبوت المحادثة "شات جي بي تي".

لكن هذا النموذج الجديد لم يُدرب -مثل النماذج التقليدية- على ملايين البيانات المتاحة على شبكة الإنترنت، بل دُربت الاستخبارات الإسرائيلية على ملايين المحادثات العربية التي تحصّلت عليها عبر مراقبة الفلسطينيين على مدار السنوات الماضية.

في ضوء ذلك، يُعد هذا أول الأمثلة المسجلة لدولة تعيد توظيف نموذج لغوي متطور للذكاء الاصطناعي في الاستخبارات العسكرية على هذا النطاق الضخم. وفقًا للتحقيق الصحفي المشترك، دُربت الوحدة 8200، وهي إحدى وحدات النخبة في الاستخبارات الإسرائيلية، نموذجًا لغويًا من الذكاء الاصطناعي على ملايين الاتصالات اليومية التي أجرها الفلسطينيون وتُجسست عليها الاستخبارات الإسرائيلية.

علاوة على ذلك، يهدف هذا النظام إلى تجميع جميع البيانات التي تمتلكها إسرائيل باللغة العربية، وتشمل تلك البيانات ملايين المكالمات الهاتفية والرسائل وغيرها من عمليات التنصت، بهدف إنشاء أداة ذكاء اصطناعي قادرة على الإجابة عن أسئلة حول الأفراد الخاضعين للمراقبة، مع إمكانية توفيرها لتحليلات للكميات الهائلة من بيانات المراقبة التي تجمعها وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، وفقًا لما ذكرته المصادر المطّلعة على تفاصيل هذا المشروع وعرضه التحقيق الصحفي.

أيضًا، ادعت الوحدة 8200 أنها قضت سنوات في بناء قاعدة بيانات هائلة تضم 100 مليار كلمة عربية، استخلصتها من عمليات المراقبة المكثفة للفلسطينيين. ليس المقصود هنا 100 مليار كلمة فريدة، لكن يشير الرقم إلى إجمالي عدد الكلمات التي تُغذى بها النموذج، وهي كلمات عربية مكررة في الأحاديث اليومية، أي أنها تحولت إلى بيانات رقمية لكي يفهمها النموذج اللغوي، وهي بيانات جاءت من مصادر مختلفة من التجسس على اتصالات الفلسطينيين ومحادثاتهم العادية.

تشير التقارير إلى أن الوحدة استخدمت كل ما استطاعت الوصول إليه من اتصالات، بما في ذلك تسجيلات المكالمات الهاتفية التي حولت إلى نصوص مكتوبة، ومراسلات تطبيقات مثل واتساب والرسائل النصية القصيرة، فضلًا عن أي معلومات استخباراتية أخرى متاحة باللغة العربية.

ويُظهر استخدام إسرائيل للتقنيات الحديثة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل واضح لتطبيق نموذج تمحيص دقيق لأفراد المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي يعكس تنامي مخاطر انتهاكات الخصوصية وحقوق الإنسان في المنطقة.