العالم

محللون: ترامب قد يتراجع عن الرسوم الجمركية في حال تدهور شعبيته وتدور الاقتصاد

2025-04-07

مُؤَلِّف: شيخة

لا يزال أمام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الكثير من الخيارات المتاحة للتراجع عن الرسوم الجمركية التي فرضها على معظم دول العالم، بعد أن شهدت الأسواق الأمريكية أكبر تراجع لها منذ الأيام الأولى لجائحة «كوفيد-19» في عام 2020.

ويعتقد محللون أنه إذا استمرت الأسواق في التدهور، وانخفضت شعبية ترامب في استطلاعات الرأي، فمن المرجح أن يبحث عن طريقة أخرى لتخفيف وطأة الأزمة.

وقال محلل مطلع على مثل هذه الأمور: «إذا قال إنه لا يكترث بارتفاع أسعار السيارات بسبب الرسوم الجمركية، لا تصدقوا ذلك، والدليل أن ردود فعله على ضغوط السوق، خلال حربه التجارية مع الصين في ولايته الأولى، تعطي بعض الدلائل على المسارات المحتملة التي سيتخذها إذا قرر التراجع، أو إذا تحداه آخرون، والخيارات التالية أكثر احتمالا من غيرها».

الحرب التجارية

أكثر ما يثير الحيرة في إعلان ترامب، يوم الأربعاء الماضي، غياب ما يسمى «الاستثناءات»، والتي تشمل الاستثناءات المتعلقة بالسلع أو المنتجات المعفاة من زيادات الرسوم الجمركية، كما قال مؤرخ التجارة في كلية دارتماوث، دوغلاس إيروين، فإن ترامب لم يستثنِ حتى ما قدره ثلثي الواردات التي عادة ما تكون معفاة من الرسوم الجمركية، وتشمل هذه الواردات مواد أساسية، مثل القهوة والشاي والموز، التي تنتجها الولايات المتحدة بكميات ضئيلة.

وخلال حرب ترامب التجارية الأولى، حرص ممثله التجاري على عدم فرض رسوم جمركية على الصين بالنسبة للسلع الاستهلاكية باهظة الثمن، مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، لكن الأمر لم يكن كذلك هذه المرة، فابتداءً من التوسع من أبريل الجاري، ستفرض رسوم جمركية تصل إلى 54% على أجهزة «آيفون» الواردة إلى أمريكا من الصين، ومن المؤكد أن أي زيادة كبيرة في الأسعار ستزيد الضغط السياسي على ترامب لخفض الرسوم.

كما عقدت إدارة ترامب الأولى جلسات استماع مطولة، طلبت فيها الشركات إعفاءات من الرسوم الجمركية، لعدم تمكنها من إيجاد بدائل للواردات الصينية.

ووصف صحيفة «بروبابليكا» الإجراءات بأنها «نعمة لمجموعة من الأطراف، مثل قطاع النفوذ في واشنطن، بما في ذلك شركات مسؤولية ترامب السابقين وحلفائه»، وهي الشركات التي تسعى إلى تجنب فرض رسوم جمركية.

وتخفف الاستثناءات من تأثير الرسوم الجمركية، ما يفرض أن يرضي الأسواق والمستوردين، كما أنها تمنح ترامب فرصة أخرى ليكون «صانع الملون» من خلال تحديد المنتجات والشركات التي يساعدها والتي يعوقها، ومطالبتها بمزايا في المقابل.

في يوم الخميس الماضي، بدأ البيت الأبيض التحرك في هذا الاتجاه، مقدماً قائمة طويلة بفئات المنتجات التي ستعفى من إجراءات الرسوم الجمركية الجديدة، واصفاً إياها بلغة لا يحبذها إلا محامٍ تجاري، وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن السلع تشمل منتجات الطاقة، وبعض المعادن، والمواد الكيميائية المستخدمة في الطاقة والتصنيع، وغيرها، متوقعة قريباً جداً سماع المزيد حول هذا الموضوع.

كبش فداء

لطالما درج ترامب على إلقاء مسؤولية قراراته الخاطئة على أشخاص لا علاقة لهم بها، حيث أقال، الخميس الماضي، ستة مسؤولين في مجلس الأمن القومي بعد شكاوى من صاحبة نظرية المؤامرة اليمنية المتطرفة، لورا لومر، والحرج الذي أحسه من قضية «سيغنال غيت».

وعلى الصعيد التجاري، يعد وزير التجارة، هوارد لوثنيك، وهو أبرز مناصر لترامب في مجال التجارة، كبش الفداء المحتمل.

ويوم الخميس أيضاً، قال لوثنيك لشبكة «سي بي إيس»، إن ترامب لن يتراجع إذا انخفضت الأسواق، كما صرح لشبكة «سي إن بي سي» أن ترامب لن يوافق على الإعفاءات، وقال: «لا أعتقد أن كلمة إعفاء ستكون عاملاً مؤثراً».

وفي الشهر الماضي، أكد أن الرسوم الجمركية ستكون جديرة بالاهتمام حتى لو أدت إلى ركود اقتصادي، على الرغم من أنه سارعت إلى اللقاء اللوم في أي ركود محتمل على الرئيس السابق جو بايدن.

وعندما تم تعيين لوثنيك ليتولى حقيبة التجارة، كانت مفاجأة للعديد من متابعي ترامب الذين توقعوا عودة كبيرة مسؤولي التجارة السابق، روبرت لايتايزر، إلى مجلس الوزراء، وسيكون لايتايزر البديل الأمثل للوثنيك، غير أنه مثل ترامب، متشدد في فرض الرسوم الجمركية، لكن على عكس لوثنيك، يتصرف بطريقة منظمة تخفف الضغط السياسي، وفي كتابه «لا توجد تجارة حرة»، يدعو إلى القضاء على العجز التجاري مع الصين، على سبيل المثال، لكن على مدى سنوات عديدة.

التدابير القانونية

يستشهد ترامب بقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لمنحه سلطة فرض تعريفة جمركية عالمية ضخمة.

ويمنح هذا القانون الرئيس صلاحيات واسعة «للتعامل مع أي تهديد غير عادي واستثنائي»، لكن هل يعد العجز التجاري الأمريكي مؤهلاً لأن يكون تهديداً، بالنظر إلى أن البلاد تعاني عجزاً تجارياً سنوياً منذ عام 1976.

خلال الحرب التجارية الأولى لترامب، رفض وزير الخزانة ستيفن منوشين، استخدام قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لتبرير العقوبات التجارية، لأنه كان قلقاً بشأن الحفاظ على مصداقية الدولار كعملة احتياطية، لذلك لم تناقش مسألة السلطة الرئاسية.

ومع ذلك، تشير السوابق القضائية إلى أن المحاكمة ستكون حذرة في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، ففي أغسطس 1971، استخدم الرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون قانوناً سابقاً لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية للإعلان عن تعريفة جمركية عالمية بنسبة 10%، وهو ما أصبح يُسمى بـ«صدمة نيكسون»، كوسيلة للضغط على اليابان وألمانيا الغربية لرفع قيمة الدولار.

وانتهت نيكسون التعريفة الجمركية بعد أربعة أشهر عندما وافقت «مجموعة العشر»، التي كانت أكبر 10 اقتصاديات آنذاك، على خفض قيمة العملة بموجب اتفاقية «سميثسونيان».

ورفع العديد من كبار المستوردين دعاوى قضائية ضد نيكسون، بحجة افتقاره إلى سلطة فرض التعريفة، لكنهم خسروا. وقضت محكمة الجمارك واستئناف براءات الاختراع الأمريكية، الممنوحة الآن، بأن إجراءات نيكسون كانت «استجابة معقولة لحالة الطوارئ الوطنية الراهنة»، والدروس المستفادة هنا هي أن المحكمة في الأغلب تترك للرئيس عندما يتعلق الأمر بتفسيرات صلاحيات الأمن القومي.