التكنولوجيا

كيف يمكن لقطاع الاتصالات في أفغانستان أن ينتعش؟

2025-05-01

مُؤَلِّف: سعيد

تعيش أفغانستان في وضع معقد منذ تسلم حركة طالبان الحكم في أغسطس 2021، لكن يبدو أن قطاع الاتصالات هو أحد المجالات القليلة التي تحقق بعض التطور، على الرغم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العميقة.

بينما تتقلص القطاعات الحيوية مثل المصارف والتجارة والتعليم، يستمر قطاع الاتصالات في النمو، حيث من المتوقع أن تُضاف أكثر من 150 برجًا جديدًا خلال عام 2024، ليصل عدد المشتركين إلى 22 مليون.

ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الإنترنت والرقابة الشديدة والعقوبات الدولية تمثل عوائق حقيقية أمام توسع هذا القطاع.

تحديات ورؤى جديدة في عالم الاتصالات في أفغانستان

ظهر قطاع الاتصالات في أفغانستان في ظل الحروب خلال تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت خدمات الهواتف المحمولة والإنترنت تقتصر على فئات محدودة من المجتمع. ومع سقوط نظام طالبان عام 2001، شهد القطاع انطلاقة جديدة بدعم من المجتمع الدولي، مما أدى إلى تأسيس شركات اتصالات خاصة وتحديث شبكات الهواتف.

تظهر بيانات وزارة الاتصالات والتقنية المعلوماتية الأفغانية أن عدد مستخدمي خدمات الهواتف المحمولة تجاوز 22 مليون، بينما ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت إلى أكثر من 9 ملايين شخص في بلدٍ يقترب عدد سكانه من 40 مليون.

ومع ذلك، فإن هذا النمو يحدث في سياق انكماش اقتصادي كبير، حيث توقفت معظم المشاريع الاستثمارية الخارجية وانهارت قيمة العملة المحلية أمام الدولار، ولكن لا يزال هناك توسع في الشبكات بدعم من الحكومة والشركات الخاصة.

الخطط المستقبلية والاستثمار في البنية التحتية

بحلول عام 2025، أعلن وزير الاتصالات الأفغاني عن خطة لإنشاء بدائل للتكنولوجيا الغربية، مشيرًا إلى توقيع اتفاق مع كازاخستان بهدف ربط أفغانستان بالشبكات الإقليمية وتعزيز استقلالية بنيتها التحتية. وتمكن الفريق من إيصال الإنترنت إلى 23 ولاية أفغانية، وخطط لنشر خدمات الإنترنت في جميع الولايات قريبًا.

كما أعلن الوزير عن قرار بطرح مشروع 4G جديد في سائر البلاد، مع تحسين التواصل في المناطق النائية، التي تتطلب استثمارات جدية لتحسين البنية التحتية.

التحديات أمام النمو المستدام وتكاليف الإنترنت المرتفعة

رغم وجود أربع شركات اتصالات كبيرة، تبقى أسعار الإنترنت في أفغانستان من الأعلى إقليميًا، حيث تتراوح تكلفة الخدمة بين 2.3 و2.7 دولار، مقارنةً بحوالي 0.5 دولار في إيران.

ورغم الجهود الرسمية لخفض الأسعار، إلا أن تكاليف الاستيراد والتقلبات الاقتصادية تواصل الضغط على السوق. ويقول موظف في إحدى البنوك إن راتبه الشهري لا يتجاوز 150 دولارًا، لكنه يضطر لإنفاق نحو 70 دولارًا على الإنترنت للعمل والتواصل.

الرقابة وحرية الإنترنت في المستقبل

منذ أغسطس 2021، بدأت السلطات الأفغانية بتشديد الرقابة على المحتوى الرقمي، حيث حظرت منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب"، وألزمت مزودي الإنترنت بحجب المواقع المخالفة للقيم الإسلامية.

ومع ذلك، يبدو أن النظام الرقابي تجاوز مجرد الرقابة الأخلاقية، حيث يستهدف أيضًا الصفحات الإخبارية والتعليقات النقدية، مما يرفع مستوى المخاطر على حرية التعبير.

تسعى الحكومة الأفغانية حاليًا إلى تحقيق استقلال رقمي وطرح مجموعة من المبادرات لتعزيز هذا القطاع، ولكن يبقى السؤال: هل تستطيع أفغانستان تحويل قطاع الاتصالات إلى محرك للنمو الرقمي والاقتصادي، أم ستظل رهينة الضغوط الداخلية والخارجية؟