التكنولوجيا

أبل.. أزمة منتصف العمر في عالم التقنية

2025-03-29

مُؤَلِّف: لطيفة

عندما وقف رائد التقنية الراحل ستيف جوبز على المسرح في 9 يناير 2007، عارضاً شكل جديد وفكر متطور للهاتف الذكي المحمول. لقد كانت تلك اللحظة التاريخية من شركة أبل النقطة الفارقة التي غيرت عالم الهواتف المحمولة إلى الأبد، وأدخلت مفهوماً جديداً سابقاً لعصره. خلقت أبل جيلًا جديدًا من الأجهزة المحمولة الذكية التي أطلق عليها «الساندويتش الزجاجي»، حتى أن الإعلام العالمي يقسم تاريخ الهاتف المحمول إلى مرحلتين: ما قبل آيفون وما بعده.

منذ ذلك الحين، قفزت أبل قفزات كبيرة في عالم التكنولوجيا، وكانت رائدة في تبني شكل الأجهزة اللوحية مع أجهزة آيباد، التي لم يستطع أي نظام آخر أن ينافسها أو الاقتراب من مبيعاتها أو إمكانياتها. لكن مع استمرارية مبيعات أبل في التصاعد، بدأت في السنوات الأخيرة تدخل مرحلة أزمة منتصف العمر، أو ربما توتر "كلاوسروفوبيا" (خوف الغرف الضيقة) في إصابة الشركة وحرمان جماهيرها وجماهير التقنية في العالم من مواصلة الابتكارات والتجديد.

تخشى شركة أبل الآن من ضيق الجدران وتبحث بشتّى الطرق عن كيفية الحفاظ على كل شيء في مكانه، لاستمرار صعود مبيعاتها واستمرارية الأرباح كما هي.

رغم أن جوبز والشركة يعملان بحذر وتأنٍ في عملية التطوير والابتكار، إلا أن سبب هذه الأزمة يعود إلى أن أبل قد تتراجع تدريجياً في وسط هذه المرحلة. فإذا نظرنا إلى مشروعات الشركة، تشمل ذلك أيضًا مشروع "سيارة كهربائية" تحمل علامة أبل. وقد أنفقت الشركة مليارات الدولارات سنويًا لعقد أكثر من 5 سنوات على التطوير والتحسين دون أن تطلق رسميًا السيارة، وعندما انتهت الفترة الزمنية، اكتشفت أبل أن التطوير لم يكن كافياً وأن المشروع لن ينجح، مما أدى إلى إغلاق كافة العمليات المتعلقة بالمشروع العام الماضي.

خلال العام الماضي أيضًا، أعلنت أبل عن تطوير "ذكاء أبل"، وهو النسخة الخاصة من الشركة الأمريكية من الذكاء الاصطناعي، وكان الإعلان محوره التسويق لجهاز آيفون 16 وعائلته. لكن رغم الإعلان، لم يتم إصدار الجهاز إلا بعد ما يقرب من نصف عام من تطويره، وما زال التجريبي مليئاً بالثغرات وغير مستقر حتى الآن، مما جعله غير منافس لما تقدمه مايكروسوفت وكوبالت وجوجل.

ربما لم تخسر أبل معركة الذكاء الاصطناعي، لكنها لم تحقق أي انتصار على أرض التنمية في ذلك المجال، ولا تزال تعاني في سعيها للحاق بالركب.

في ظل الإجراءات المتاحة، رفضت أبل دخول عالم الأجهزة القابلة للطي، حتى لا تأكل من أسواق أجهزة آيباد، التي تعد الأكثر مبيعًا في عالم الأجهزة اللوحية، وحققت الشركة عائدات بلغت 26.7 مليار دولار في 2024.

خوف أبل على مبيعات آيباد أوصلها لرفض قاطع لإضافة اللمس لأجهزتها من الكمبيوتر المحمول، خشية من تراجع مبيعات آيباد وأن تأكل من مبيعات أجهزة ماك بوك أو ماك بوك إير. وبظل هذه المخاوف، تشعر الشركة بضرورة الحفاظ على مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي حققت مبيعات بلغت 30 مليار دولار في 2024 نفسيًا.

أصبح هذا الإحباط المصري والمنافسة الضخمة من الشركات الأخرى خوفًا مسيطرًا على عملاق التكنولوجيا الأمريكي. فهل قدرت أبل على اجتياز هذه الأزمة والعودة للواجهة من جديد؟